كتب د. سعد السريحي في صحيفة “عكاظ” مقالا حادًا يوم الخميس الماضي 21 يناير الحالي عنوانه ” عضو الشورى حين يخالف النظام”، والحقيقة إن كان ثمة مخالفة للنظام، فهو هذا العنوان والمقال، باشتمالهما على توجيه اتهام صريح لشخص بعينه بلا دليل ولا بينة.
وقد ختم د. السريحي مقاله الآنف الذكر بالاشارة لما سماه ” تجاهل العارف وهو مايقع فيه كثيرون ممن هم عارفون بالأنظمة وممن هم كثيرو الحديث عن أهمية احترامها”. حسب تعبيره
ثم أعاد الكاتب الكرّة اليوم الأحد الموافق 24 يناير الحالي في مقال آخر، وإن كان أهدأ نبرة مقارنة بالسابق، عنوانه ” مع د. لطيفة الشعلان”.
الفحوى في المقالين واحدة، وهي انتقادي على أنني (اتجهت) بالدعوى المرفوعة مني على أحد المغردين المسيئين لـ “هيئة التحقيق والإدعاء العام” وليس للجنة المخالفات والنشر في وزارة الإعلام، وصولا إلى اتهامي بمعرفة النظام ومخالفته واشغال القضاء وأنا عضو الشورى.
في هذا التوضيح، لن أعزز المعطيات العديدة التي قُدمت من قانونيين وقضاة سابقين على خلفية نقاش هذا الموضوع في تويتر والصحافة الورقية والإلكترونية، ممن بينوا سلامة الإجراءات المتخذة في مثل هذه القضايا، التي حركتها “هيئة التحقيق والإعاء العام”، كجرائم معلوماتية، وفصلت المحاكم في عدد منها.
كما لن أدافع عن قيمي ومبادئي التي قام الكاتب بتذكيري بها بشكل مبطن، على سبيل النقد واللوم. كما لن أدافع عن احترامي للأنظمة، فلست في حاجة لشيء من هذا أقف به أمام أحد من الناس. إضافة إلى أنني أحمل من التقدير الكبير لـ د. السريحي ولتاريخه ما يحول بيني وبين التراشق بالعبارات.
لذا سأرد في عجالة على الاتهام الشخصي لي بأنني خالفت النظام، وقد تم وضعي بتكرار الانتقاد والاتهام من جانب الكاتب، في موضع الملزم بالتوضيح:
أولا: لقد قمت بتوكيل الأستاذ عبدالرحمن اللاحم عن قناعة تامة – ويشهد الله – أنني لم أتدخل قط في عمله، لا في المبتدأ ولا بعد ذلك، ولم أوجهه باتخاذ مسار معين للقضية، ولم أوجهه لترك غيره، ولايمكنني أن أفعل هذا أو ذاك، ثقة مني في مهنيته العالية، واحتراما لاختصاصه ولكل ذي اختصاص، واحتراما مني لنفسي حين اتخذته وكيلا.
ثانيا: حسبما أعرف، فإن “هيئة التحقيق والإدعاء العام” والمحاكم الجزائية هي المناطة بالجرائم المعلوماتية في أوعية الشبكة المعلوماتية، أما لجنة وزارة الاعلام فتنظر في المخالفات الخاصة بالمطبوعات.
فالفقرة (8) من المادة الأولى من “نظام مكافحة جرائم المعلوماتية” قد عرفت (الجريمة المعلوماتية) بأنها: “أي فعل يُرتكب متضمنا استخدام الحاسب الآلي أو الشبكة المعلوماتية بالمعلومات المخالفة لهذا النظام”.
والفقرة (5) من المادة الثالثة التي نصت على العقوبة بالسجن مدة لاتزيد عن السنة وبغرامة لاتزيد عن خمسمائة ألف أو بإحدى هاتين العقوبتين، ذكرت لهذه العقوبة: “التشهير بالآخرين والحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة”.
والمادة الحادية عشرة تشير إلى: ” المحكمة المختصة ” التي لها أن تعفي من العقوبات الواردة في بعض الحالات المنصوص عليها.
كما أن المادة الخامسة عشرة من النظام نفسه، تنص على: ” تتولى هيئة التحقيق والإدعاء العام التحقيق والإدعاء في الجرائم الواردة في هذا النظام”.
بناء على ماسبق، لن يكون مسار القضية القائمة قد خالف النظام بأي حال من الأحوال، حتى والمحكمة الجزائية قضت بعدم الاختصاص، فالحكم القطعي يبقى لدى محكمة الاستئناف. وحتى إن انتهت القضية القائمة في لجنة المخالفات والنشر، فلا يوجد مخالفة لأي نظام، لأن “هيئة التحقيق والإدعاء العام” قبلت حسب نظامها القضية القائمة كجريمة معلوماتية، بل وأصدرت قرار الاتهام بـ (الحق العام) حسب ما أفضى إليه التحقيق.
ثم إن الحديث عن مخالفة النظام، يُوهم بأن هناك نظاما واحدا مستقرا في النظر في هذه القضايا تمت مخالفته. واقع الحال أن التضارب في الأحكام الصادرة في هذا المجال، واختلاف تكييفها مابين جريمة معلوماتية أو مخالفة مطبوعات يشي بتنازع في الاختصاص والتكييف، استمر بدون حل كما يبدو، وربما هو من الأسباب الجوهرية التي جعلت “تويتر” مرتعا للشتم والتحريض والتكفير.
وهذه القضية القائمة من القضايا النادرة كما أورد الأستاذ اللاحم، بل الأولى فيما ترافع فيه من قضايا كثيرة مشابهة ميدانها تويتر، يُحكم فيها بعدم الاختصاص رغم وجود (حق عام) للدولة تقدمت به هيئة التحقيق والإدعاء العام.
ومن المهم الذي ينبغي تأمله للصالح العام ماقاله قبل أيام معدودة القاضي السابق د عيسى الغيث عبر صفحته في تويتر على خلفية هذا النقاش، إذ غرد بالتالي: ” الحكم بصرف النظر عن قضايا تويتر الجرمية بدعوى عدم الاختصاص يعني تعطيل نظام مكافحة جرائم المعلوماتية والتناقض بين الأحكام الصادرة”.
ثالثا: حيث قام الكاتب في مقاله الأول بتذكيري بعضويتي في الشورى، أقول إن نظام الجرائم المعلوماتية، كان في مرات عديدة موضوعا للنقاش والتوصيات والمداولات تحت قبة الشورى، باعتباره نظاما تقوم عليه “هيئة التحقيق والادعاء العام” لمكافحة جرائم السب والشتم والقذف في “تويتر”، ولكبح جماح التحريض والتكفير في مواقع التواصل الاجتماعي عامة.
ويدرس الشورى مقترحا قائما تقدم به بعض الزملاء بإدراج عقوبات أخرى إضافية كعقوبة التشهير لبعض الجرائم الواردة في النظام.
كما صدر عن الشورى في عام (2014) قرارا بالأغلبية يطالب “هيئة التحقيق والإدعاء العام” أن تقوم من تلقاء نفسها بتحريك “الدعوى الجزائية العامة أمام المحكمة المختصة ضد من يقومون بالقدح والقذف العلني عبر الشبكة المعلوماتية ووسائل التواصل الاجتماعي بجميع أنواعها، والتنسيق مع الجهات الأمنية لتحديد هوية المجهولين منهم أو المستترين”.
رابعا وأخيرا: منذ اليوم الأول لظهور خبر القضية في وسائل الإعلام، غردت في “تويتر”، وقلت صراحة بأن كل شيء مردّه إلى الأستاذ عبد الرحمن اللاحم لمن أراد السؤال والاستفسار، وأن له – أي الأستاذ اللاحم- أن يجيب أو يمتنع، وأنني لن أُصرّح عن القضية للإعلام، ولن أكتب فيها، ولن أخوض في هذا الموضوع. وبالفعل امتنعت كليا عن إجابة العديد من وسائل الإعلام التي لم تتوقف عن ملاحقتي.
أتمنى من كل الذين أجلهم وأقدرهم سواء من الوسائل الإعلامية، أو من الزملاء الكتاب والصحافيين، احترام رغبتي الشخصية في عدم إقحامي إعلاميا في هذا الموضوع، وأتمنى منهم عدم العودة لي في النواحي الإجرائية والنظامية، أو أي من مراحل ومجريات القضية. ومن لديه مايراه في مقال أو تغريدات أو غيرها، فهذا حقه الكامل، وأتمنى أن يتجه في مقاله وتغريده إن شاء، لوكيلي الأستاذ عبدالرحمن اللاحم، الذي أجدها مناسبة أن أجدد له شكري وتقديري.
لطيفة الشعلان