قليل من المسلمين في هذه البسيطة قد يعرف معنى (الماتريدية) أو (الأشاعرة) والفرق بينهما، والقلّة منهم يدرك الفرق بين (المُجسّمة) و(المُشبّهة)؛ لأن غالبية الناس الذين اهتدوا للإسلام، يستيقظون صباحا فيتوجهون إلى ربهم بالصلاة والتبتل والدعاء، ثم يقضون يومهم باللهث وراء لقمة عيشهم التي عادة لا تأتي إلا بعد جهد ومشقة تشغلهم عن الحرث في التراث خلف مصطلحات دينية لا تزيدهم قربا إلى الله ولا تقيهم عوز الدنيا وضنكها، لذا فإن ذلك المؤمن البسيط منهم لم يُفكر في ليلٍ أو نهارٍ عمن يجب أن يدخل في مصطلح أهل السنة والجماعة الذي هو القنطرة للدخول إلى الجنة والبعد عن النار؛ لأنه سمع في صلاة الفجر في ذات يوم، إمام مسجدهم يتلو في خشوع (لست عليهم بمصيطر) فعرفها ووعاها بلا ترجمان بينه وبين كلام ربه، فهو ليس موكل من الله بتتبع خلقه ومن يجب أن يدخل الجنة ومن يستحق أن يستقر في النار، وإنما معني بنفسه وبسلوكه (يا أيها الذين أمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا أهتديتم).
غروزني: فريق في الجنة وفريق في السعير
ذلك المؤمن البسيط سيصاب بالإحباط عندما يشاهد مخرجات مؤتمر غروزني المنعقد في الشيشان الذي قَصَر مفهوم أهل السنة والجماعة على مجموعة مُنتقاة من البشر دون غيرهم من أهل القبلة، فهم المستحقون للجنان بكل مستوياتها، أما غيرهم فخارجون عنها يستحقون جهنم بمجرد نزول ملك الموت لقبض أرواحهم، وصاحبنا المؤمن لا يعلم لنفسه تصنيفا يضعه في إحدى الضفتين؛ لأنه لم يدر بخلده يوما أن يصنف نفسه فهو يعبد ربه ويتمسك بشرائعه ويجتنب نواهيه ولا يهتم بتلك اللافتات التي يعلقها الفقهاء على دكاكينهم.
المفارقة أن كثيرا ممن قاتل في دولة المؤتمر المسماة بالشيشان أيام الغزو الروسي من المقاتلين الأجانب لم يدخلوا تحت راية أهل السنة والجماعة بحسب مفهوم مؤتمر غروزني، مع أنهم قبروا في مقابر غروزني وضواحيها وماتوا مدافعين عن الإسلام وعن أهل غروزني – على حد زعمهم وزعم من جنّدهم – فقتالهم وبسالتهم في الدفاع عنها وعن أهلها لم تحل بينهم وبين جهنم التي شرّع المؤتمر لهم أبوابها.
هكذا وصل بنا الأمر بأن تصبح الجنة والنار بأيدي جماعة من البشر يتفقون في ذات مؤتمر فيدخلونك الجنة أو يرمون بك في جهنم، لا لشيء إلا لأن السياسي الجاثم على عرشه أراد لك ذلك المصير.
05/09/2016