في كل مرة، وفي أكثر من حدث، تُخيّب القيادة السعودية آمال المتربصين بالدولة، والذين كانوا يراهنون على ترهلها ووهنها وسريان الضعف إليها، فجاء الرد سريعاً بعد تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد العرش بتصعيد الشباب من الجيل الثاني إلى مراكز قيادية في مؤسسة العرش وفي مناصب مهمة في الدولة، ثم تواصل ذلك النهج الملكي الحازم بالتغيرات السيادية في مناصب قيادية في مؤسسسة العرش السعودية، إذ تم تعيين الأمير محمد بن نايف ولياً للعهد والأمير محمد بن سلمان وليا لولي العهد، وبذلك أصبحت القيادة السعودية تمثل أجيالاً متعددة، إذ يعتلي العرش الملك المخضرم المعاصر لفترة تأسيس هذه الدولة والمصاحب لملوكها السابقين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، ويأتي المحمدان ليمثلا الجيل الثاني من الأسرة السعودية المالكة واللذان يمثلان أيضاً جيلين متباينين من حيث العمر داخل الجيل الثاني للأسرة المالكة، وهذا كله يصب في ترسيخ مبدأ استقرار هذه الدولة على الأسس والقيم والمبادئ الملكية ذاتها التي أرساها الملك المؤسس -رحمه الله-، ويبدد أحلام الحاقدين وأرباب المؤامرات والدسائس الخارجية.
أبرز ما يمكن قراءته في تعيين «المحمدين» هو التأكيد على مبدأ راسخ، وهو أن النجاح الإداري والإنجاز السياسي هو الطريق المعبد إلى المناصب القيادية والسيادية في الدولة، من دون اعتبار لأي شيء آخر، فالأمير محمد بن نايف جاء على خلفية منجز أمني كبير، كان فيه أيقونة النجاح في مواجهة أعتى تحدٍ مرت به الدولة، وهي المواجهة المفتوحة مع الإرهاب والجماعات الدينية المسلحة، واستطاعت القوى الأمنية التي يديرها بأن تواجه ذلك التحدي بكل قوة، وأن تنجح في تفكيك خلاياه النائمة منها والمستيقظة، كما نجح في الوقت ذاته على بناء مؤسسة أمنية متماسكة ومؤهلة وقادرة على التعاطي مع التحديات الأمنية؛ باستخدام جميع الأدوات التقنية الحديثة واستخدامها ببراعة في معركتها مع مجموعة من الأشباح والعصابات التي تصعب مواجهتها، إلا أنه ومع ذلك حققت نجاحات كبيرة في اختراقها وتفكيك خلاياها.
وفي السياق ذاته، نجد الأمر نفسه في شخصية ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي أبدى نجاحاً كبيراً في إدارته لعاصفة الحزم، بصفته وزيراً للدفاع، وكذلك النهج غير التقليدي الذي انتهجه مجلس الاقتصاد والتنمية الذي يترأسه، إذ رسخت قاعدة (المحاسبة في مقابل المسؤولية)، إذ أصبح المنصب الوزاري تكليفاً وليس تشريفاً، ورأينا كيف أن وزراء رحلوا بعد أسابيع من توزيرهم؛ لفشلهم في التكيف ورؤية القيادة الجديدة والأهداف التنموية التي رسمها المجلس.
الأميران -إضافة إلى ما سبق- يتفقان في ميزة واحدة وهي أن أفعالهما تفوق أقوالهما؛ فنادراً ما تجدهم يتحدثون أو يعدون أو يخطبون خطباً عاطفية رنانة، وإنما كان سلوكهما الإداري ينحصر في الإنجاز على الأرض، وهو ما جعل الطريق سالكاً لهما نحو مناصب قيادية عُليا، نثق أنهما سيكونان أهلاً لها، وأنهما سيمارسان النهج ذاته؛ لتحقيق ثورة تنموية تليق بالمملكة العربية السعودية.