البنتلي ليست مجرد سيارة فارهة تهوي لها أفئدة البسطاء و تسلب عقولهم أو حلم لشاب يأمل ان يجلس خلف مقودها يمخر بها عباب شارع التحلية ليتبختر بها أمام النساء ، بل هي (متلازمة) تصيب الاثرياء من البشر من فرط التخمة المالية و الذي يقابله التهميش الاجتماعي و السياسي ؛ فيحاول عن طريق اسطول البنتلي أن يفرض وجوده في المشهد السياسي و الاجتماعي ، و أنه ليس مجرد إنسان ثري يملك استثمارات متمددة على سطح البسيطة و فوقها ؛ بل هو ايضا إنسان مؤثر و حاضر في صناعة القرار السياسي من خلال التوزيع السخي لتلك السيارة المعجزة على بعض اللاعبين و المدربين و بعض المهرجين ممن ينتسبون إلى الفن و أهله ، و بذلك يستطيع الوصول إلى شواطيء السياسة الدافئة و يضمن بقاءه في الصورة دائما حتى ولو كان لا يملك أي مقومات الفعل السياسي إلا ان البنتلي قادرة على سد أي عجز او ثغرة أو نقص.
و في أعراض متقدمة من تلك المتلازمة يمكن أن يصل المصاب بها بأن يعتقد بأن توزيع تلك المركبات الفارهة قد يصل نطاقها إلى فئة عسكرية تحرم كل القوانين الارضية أن يقبلوا الاعطيات و الهبات لأن في ذلك إهانة إلى مهنتهم المقدسة و إهانة إلى الوطن الذي يذودون عن حياضة ، لكن المبتلى بتلك المتلازمة لا يعي تلك التفاصيل التي يعتقد انها صغيرة في مقابل طموحه بأن يكون شئيا مذكورا و أن يقاوم التهميش او التجاهل الذي يعتقد أنه لا يليق به وهو القادر على توزيع البنتلي وقت مايشاء لمن يشاء و بالقدر الذي يشاء .
متلازمة البنتلي ـ عفانا الله و اياكم منها ـ تصيب عادة من ادبرت عنه المناصب السياسية و دخل في مرحلة (سن اليأس) السياسي بأن اصبح يتسمّر أمام شاشات الاخبار يتابع أخبار عاصفة الحسم و إعادة الامل دون أن يكون له فيها رأي أو مشورة تماما كما يفعل البسطاء من الناس في هذا العالم ، فيحاول عبثا أن يحشر رأسه في الصورة حتى يكون حاضرا في (الشاشة )
و من اخطر اعراض هذه المتلازمة ؛ وهم السيطرة و التحكم بهذا العالم و الشعبية الكاذبة الذي يصنعه ثلة من البشر الطامحين بجزء من كعكعة (الاسطول) فيوهمون المريض بأن البنتلي قادرة على فتح مغاليق الارض و صنع العجائب و إعادة عقارب الساعة إلى الوراء .
المطمئن هو ان هذه المتلازمة ـ والله الحمدـ محصوةر في النخبة من اباطرة المال فلا يمكن ان تكون وباءً عاماً يصيب عوام الناس من البسطاء ، فهو مثل مرض النقرس الذي وصف بأنه (مرض الاثرياء ) لأن من اهم اسبابه الافراط في تناول اللحوم الحمراء يوم كان تناولها معيارا للترف و الثراء كما هو الحال مع اقتناء سيارة البنتلي هذه الايام ، إلا ان ذلك لا يعني الاستهانة بهذه المتلازمة وعدم التصدي لعلاجها حتى لا تتفشى و أهم خطوات العلاج لمن ابتلاه الله بهذا الداء؛ أن يعين له مستشارا سياسيا يقف على رأسه و هو يصرح أو (يغرّد) حتى ينزله من سماء الوهم إلى ارض الواقع و يقنعه بأن البنتلي لا يمكن لها تعيد مجدا قد ولّى او أن تصنع سياسيا بارعاّ مهما تورم (اسطول البنتلي) و تمدد .