ناقش مجلس الشورى الموقَّر في جلسته المجدولة هذا الأسبوع إحدى القضايا الوطنية المصيرية التي تتعلق ببيض الحبارى في معرض مناقشة المجلس تقرير الهيئة السعودية للحياة الفطرية، حيث اكتشف أعضاء المجلس أن هناك فقط (79) بيضة من بيض ذلك الطائر الجميل، تفقس من أصل (1716) واردة في تقرير الهيئة، مما يعني أن هناك تسرباً في البيض وخلفه تكمن تساؤلات مشروعة عن مصير تلك الكمية المهولة من جزء من الثروة الوطنية من بيض الحبارى، مما قد يفهم منه وجود شُبهة فساد وعدوان على المال العام، والقاعدة تقول: إن البداية دائماً تكون بسرقة بيضة، والتماهي مع الفساد يبدأ بغض الطرف عن سرقة تلك البيضة، خصوصاً وأن فقدان تلك الكمية الكبيرة يعني أنه قد يكون وراءه مشروع وطني يقوم به بعضهم ويكون موازيا للمشروع الوطني لتنمية طير الحبارى بغرض التربح، فمن المعلوم أن ذلك النوع من البيض لا يمكن استعماله في طبخ (الشكشوكة) أو (بيض عيون) وهذا يعني أن هناك يداً آثمة استولت على بيض الوطن لذا لابد من تدشين حملة وطنية بعنوان (أعيدوا لنا بيضنا) انطلاقا من تلك الجلسة التاريخية لمجلس الشورى، لأن الفساد دائما ما يبدأ في الأشياء الصغيرة، التي يعدها بعض قصار النظر من المراقبين؛ تافهة لا تليق بالمجلس، لكنها عظيمة الأهمية؛ فهي ترسل رسائل قوية إلى لصوص المال العام بأن مجلس الشورى قادم لمحاسبتهم وملاحقة ملفاتهم بمجرد الانتهاء من ملف بيض الحبارى.
أتمنى ألاَّ تتوقف القضية عند حد المناقشة تحت قبة المجلس، وإنما لابد من إنشاء لجنة خاصة بالمجلس تسمى (لجنة البيض) ويكون أعضاؤها من الخبراء في تكنيك تفقيس بيض الحبارى ويضاف إليها العناية بشؤون الصقور ويرأسها حبيبنا (معشي الطير) لأنها ستحمي ممارسة هواية (القنص) وتحافظ على طقوسها، ولك أن تتخيل الوضع النفسي المتأزم لعشاق تلك الهواية (النخبوية) في ظل عدم وجود عدد كاف من الحبارى التي يلاحقونها بصقورهم، من هنا تأتي أهمية الملاحظة العبقرية في تسرب بيض الحبارى من (فقاسات) الهيئة السعودية للحياة الفطرية فهي قضية لابد أن تقدم على كل القضايا الوطنية التي تقبل التأجيل مثل قضية الإسكان والتأمين وإنجاز القوانين التي تنظم حياة الناس فلا صوت يعلو على صوت (بيض الحبارى) وقديما قال الحكماء: قل لي ماهي قضاياك؛ أقل لك من أنت!