لم تكن أحداث رابعة العدوية التي كانت بداية لسقوط جماعة الإخوان محصورة في مصر وإنما شملت آثارها خارطة العالم العربي بما فيه منطقة الخليج، حيث قسّمت (رابعة) الناس إلى فسطاطين؛ معسكر المؤيدين لجماعة الإخوان من المنتمين لها المبايعين لمرشدها ومن المتعاطفين معها، وعلى الضفة الأخرى المعارضون للجماعة ولفكرة (الإسلام السياسي) والمتعاطون مع أحداث رابعة بمنطق الدولة، حيث القانون والنيابة العامة المستأمنة على التحقيق فيما حدث، وكيف حدث ومن قتل من، دون الالتفات إلى توظيف الدماء في معركة الإخوان السياسية، وأصبحت رابعة وأصابعها الأربعة؛ علامة فارقة فيمن يقف مع ثورة الشعب المصري في الثلاثين من يونيو ومن يقف ضدها ويعتبرها انقلابا على شرعية الجماعة ومرشدها، وعلى هذا الأساس تم تصنيف الخلق وفرزهم، ليس في مصر حيث ساحة الحدث وإنما في داخل المجتمع السعودي، فأضحت (رابعة) معيارا يُفتن الناس عليه؛ فمن كان يتبنى رؤية الجماعة فهو إصلاحي مناضل حر، ومن كان ضدها؛ فهو عميل (مطبل) وبوق للعسكر وبيادته، كما يعلنها مناضلو ذوات الأربع (الإنتاج المحلي) وتبع ذلك محاولات حثيثة منهم لإسقاط كتّاب ومثقفين وإرهابهم، ولم يتوقف ذلك على التصنيف الفكري وحسب وإنما توسع ليشمل (التصنيف المهني) فمن كان في مركبهم ورفع الأصابع الأربعة فهو (الطبيب الحاذق) أو (المهندس الخلاّق) أو (المحامي المبدع) ومن كان خارج دائرتهم فهو عكس ذلك، مع فتح الباب للتائب بأن يُمنح تلك النياشين فور الالتحاق بهم، وفي المقابل فإن ذات النياشين ستسحب من على صدور من ينكس على عقبيه، ويعلن البراءة منهم، في تنكر لأبسط القيم المهنية والأخلاقية.
لا يهمهم ماذا قدمت لبلدك ومجتمعك قبل (رابعة) وبعدها، ولا تعنيهم قضايا وطنك التي يمكن أن تكون أرضية جامعة للجميع يتعاونون منها لمصلحة هذا البلد، وإنما يعنيهم فقط موقفك من (30-6) في دولة خارج حدود الوطن: هل ما حدث انقلاب أم ثورة؟
الكارثة أن بعضاً من أتباع الجماعة (الإنتاج المحلي) يرأسون أو يشاركون في عضوية لجان مختصة في التصريح لبعض المهن أو الوظائف أو الموافقة على الترقيات أو التأديب، فهل ستكون آراؤهم محايدة وينتهجون المهنية في قراراتهم، أم سيتم التصنيف بناء على موقف المتقدم لهم مما حدث في ميدان بالقاهرة، يقال له (رابعة العدوية)؟