البصمجيون هم فئة بشرية مهمتها في هذه الحياة الدنيا؛ التوقيع على البيانات الجماعية، سواء كانت اعتراضاً على عمل المرأة، أو إنكاراً على منشط ثقافي أو فكري، أو غيرها من المجالات التنموية التي لا تتوافق وأطر رؤيتهم الفكرية والحزبية الضيقة، والإنسان (البصمجي) نادراً ما تجد له أي إسهامات أو نتاج فكري أو ثقافي، سوى أرتال من البيانات مهرها بتوقيعه، حتى يوهم نفسه بأنه (إنسان خارق) يمكن له من خلال بصمته أن يغير هذا الكون، أو أن يوقف حركة التنمية والحراك الاجتماعي، ومع تغير وتنوع متن تلك البيانات؛ إلا أن الأسماء ثابتة لا تتغير، سواء كان البيان له جانب اجتماعي أو سياسي أو اقتصادي، لأن من أدبيات (البصمجي) أنه يعتقد أنه يمتلك القدرة على أن يتحدث في أي مجال، ويُفتي في كل فنون أوجدتها البشرية.
و لم يتوقف نشاط (البصمجيين) على الشأن الداخلي، وإنما ترقى بعضهم ليكون (بصمجياً دولياً) من خلال تقديم النصائح السياسية لشعوب الأرض، وإعطائهم الدروس في كيفية إدارة أنفسهم واختيار الأنظمة السياسية التي تحكمهم، وكانت آخر حلقات ذلك المسلسل البيان الذي وقَّع عليه مجموعة من فئة (البصمجية) في المملكة يحذرون فيه المصريين من الخروج للتصويت على الدستور الجديد ويبينون لهم فيه حرمة ذلك العمل (السياسي)، في حالة مَرضية من تورم الذات والغرور الأيديولوجي الذي جعلهم يصدقون غرورهم بأنهم قادرون على تعطيل الحركة السياسية في دولة بحجم مصر من خلال بيان يوقعه مجموعة من البشر، ومن ثم ستكون لجان الاقتراع –بعد نشر البيان- خاوية على عروشها، لأن شيخاً في السعودية أفتى بحرمة التصويت في الاستفتاء، وبالتالي فإن الناخب في أسيوط أو المنوفية أو دمياط سيرتجف عندما يقرأ البيان ويلتزم بيته في أيام التصويت، وأنهم سيتركون فتاوى وآراء علمائهم من مشيخة الأزهر استجابة لأولئك الوعاظ الذين لا تُعرف حتى أسماؤهم هناك.
مثل تلك البيانات السياسية تؤكد أن جماعات الإسلام السياسي مازالت في غيبة عن الواقع، وعن استشعار القيم الجديدة التي تحكم هذا العالم الذي يعيشون فيه، ففي الوقت الذي يحرمون فيه الديمقراطية ويكفّرون من ينادي بها؛ يصرون على حشر أنوفهم فيها، ويصرون مرة تلو الأخرى على أن يأتوا (السياسة) من نوافذها لا من أبوابها.