سياسة دولة قطر الخارجية تجاه مصر أصبحت (أحجية) ومجموعة من الألغاز العصية على الفهم، فإصرار قطر على المضي في عرقلة مسيرة تنفيذ خارطة الطريق ومواجهة ثورة يونيو المجيدة التي أصبحت واقعاً مَعيشاً لا يُمكن تجاهله أو الرهان على إسقاطها أو إسقاط الإرادة الشعبية.
الخطير في الموقف القطري أنه تجاوز استضافة قيادات الجماعة المخلوعة في قناة «الجزيرة» على مدار الساعة؛ في محاولة يائسة لحشد ما تبقى من أتباعها في الشوارع والميادين وشل حركة الناس ومصالحهم، حيث وصل الأمر إلى أن أصبحت الدوحة منصة لبعضهم للتحريض على استهداف الجيش وتشجيعه على الانقلاب على قيادته، وهو عمل مجرَّم في كل الأنظمة الجنائية في العالم بما فيه النظام الجنائي في قطر، كما أن مثل تلك الممارسات غير القانونية مخالفة للقانون الدولي وأعرافه، لاسيما ونحن نتحدث عن دولتين عربيتين يجمعهما سقف منظمة عربية تسمى الجامعة العربية.
الرهان على فشل ثورة يونيو هو شعور رغبوي وعاطفي يخالف المبادئ السياسية التي على أساسها يُبنَى الموقف السياسي تجاه حدث ما، خصوصاً إذا كان بحجم ثورة غيَّرت موازين القوى في منطقة، وأوجدت واقعاً جديداً على الأرض، في إقامة دولة خلافة إسلامية يرفرف عليها علم الإخوان المسلمين في مصر، لذا فهي في حالة إنكار للواقع وتصر على السباحة عكس التيار الذي حتى الولايات المتحدة الأمريكية وهي الراعية (الماسي) لمشروع الأخونة في المنطقة؛ لم تتجرأ على أن تعاكسه وتقف في مواجهة الشعب المصري، وإنما رضخت للإرادة الشعبية وتخلت عن مشروعها في تمكين الإخوان المسلمين من إدارة دفة القيادة في دول المنطقة.
وعلى تتابع الخطى نحو تحقيق مراحل خارطة الطريق ما زالت دولة قطر تصر على توسيع الشقة بينها وبين مصر -وهي الدولة العظمى في المنطقة- وتصر على الوقوف أمام خيارات شعبها وعلى إصدار تصريحات سياسية مستفزة للشارع المصري المحتقن والمثقل بهموم الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلد، استحالة أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء، مهما ضُخَّت من أموال وسُخِّرَت وسائل إعلام لهذا الهدف، لأن ما حدث هو صحوة شعب لن يستمع للنصائح العابرة للحدود.