من الصور المتدفقة مع تدفق الأمطار على شوارع مدن المملكة؛ كانت هناك صور لإحدى المدارس في الرياض، يؤدي طلابها امتحانهم وسط بركة من المياه، التي فاجأتهم في قاعات الامتحان، ومع ذلك الوضع الذي لا يمكن معه تصور أن يؤدي الإنسان فيه أي نشاط بدني أو ذهني سوى رياضة السباحة وركوب الأمواج؛ تصر إدارة المدرسة ومن ورائها إدارة التعليم على تأدية الطلاب الامتحان، وذلك من أجل تعويد الطلاب على التكيف مع كافة الظروف في سبيل طلب العلم والتحصيل العلمي، خصوصا وأن أبناء غالبية من يقوم على العملية التعليمية في البلد لا يدرسون في مدارسنا الحكومية لأنهم لا يجيدون السباحة، لذا فهم يتلقون علومهم في المدارس الأهلية التي يمتلكها الأهل والأصحاب من القيادات السابقة للتربية والتعليم، من أجل ذلك فهم يرون أن تأجيل الامتحانات في مثل هذه الظروف سيؤدي إلى خلل كوني في المنظومة الشمسية، وتردٍ في مسيرة التربية والتعليم.
تصور أنك أحد أولئك الطلاب الذين قذف بهم القدر على أحد تلك المقاعد الخشبية المتهالكة في المدرسة المنكوبة، وساقاك يغمرهما الماء في جو بارد، ومع هذا أنت مطالب بتأدية امتحان ترصد له الدرجات وقد يكون مفرقاً في حياتك العملية والعلمية، والمصيبة إن كان الطالب لا يجيد السباحة ويبدأ الخوف يتسلل إليه خشية أن يعلو منسوب المياه فيغرق في مدرسته ولا يجد من يمد له يد المساعدة، خصوصاً إن لم يكن من الطلاب الدوافير الذين يخطب الطلاب ودهم ويستأسدون في انتشالهم إذا ما غرقت مدرستهم، وكل تلك المأساة تحدث من أجل التأكيد لمن يهمه الأمر؛ بأنه «كله تمام يافندم».
ولن يستفيد من أداء الامتحانات وسط تلك الظروف إلا «المبرشمون في الأرض» حيث ستشغل مياه الأمطار المتدفقة؛ المراقبين عنهم، وتشتت أعينهم عن براشيمهم، فيخلو لهم الجو لنسخها على أوراقهم، وفي حالة الطوارئ وعند اكتشاف ما تخفيه «طبقات» ملابس الشتاء على أجسادهم؛ فأسرع طريقة للتخلص من تلك البراشيم هي غمسها في الماء المترسب تحت أقدامهم، وتصبح مجرد أوراق جلبها السيل مع الأشياء الكثيرة التي جلبها معه إلى تلك المدرسة الحكومية التي صرفت عليها الدولة ملايين الريـالات في مشروع «الألف» يوم، الذي سمعنا جعجعته ولم نر بعدُ طحينه.