نشرت إحدى الصحف الإلكترونية خبراً عن عاملة منزلية في مدينة الرس قامت بعمل سحر لمكفولها وعائلته شلت حركتهم بشكل جماعي، إلى أن تمكنت فرقة (مكافحة السحر والشعوذة) في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من اكتشاف السحر في الوقت المناسب، وقام أفراد (تفكيك) السحر في الفرقة بحل السحر بطريقة آمنة، تماماً كما تفعل فرقة تفكيك المتفجرات لدى الجهات الأمنية، ومن ثم تم تحويل العاملة المنزلية المتهمة بالسحر إلى الشرطة لاستكمال الإجراءات القانونية المتبعة، مما يعني أن القضية أخذت المسلك القانوني والقضائي، مما يثير عديداً من التساؤلات القانونية في مثل هذه الحالات، لابد من طرحها والاستنارة برأي الخبراء في هذا المجال، لأن العاملة المنزلية الساحرة يمكن لها أن تستعين بخدمات أحد المحامين لتولي قضيتها، وبالتالي فالمحامون لابد أن يعرفوا الإجراءات المتبعة في مثل هذه الحالات حتى يتمكنوا من التعامل مع عملاء مكاتبهم من السحرة ويعطوهم المشورة القانونية الصحيحة.
التساؤل المحوري هنا؛ كيف يمكن إثبات حالة السحر، وأن المدعي بالفعل كان تحت تأثير السحر هو وعائلته؟ بمعنى هل وصلت البشرية إلى اختراع جهاز يمكن من خلاله قياس نسبة السحر في جسم الإنسان بدقة، بحيث يكون دليلاً جنائياً يمكن الاعتماد عليه أمام المحكمة لإدانة أو براءة المدعى عليه في قضية السحر مثل تقارير الـ(DNA) وتقارير الطب الشرعي التي تثبت وبشكل دقيق الحالة الجنائية للمجني عليه مما لا يقبل التشكيك، ويتم بناء عليها تحديد الجاني عبر وسائل علمية لا تقبل الجدل؟ لأن القاضي لا يحكم إلا بأدلة مادية ملموسة وليس مجرد رأي من شخص ولو كان يزعم أنه خبير في السحر والشعوذة، فكيف يتم إثبات أن تلك الطلاسم على سبيل المثال هي (سحر)؟ وأن الخادمة قامت بالاستعانة بالجن لإيذاء المجني عليه وعائلته ما لم يتم اعتراض الاتصالات ما بين المتهمة بالسحر وبين الجني وضبط تلك المكالمات وتحريزها وترجمتها إذا كان الجني من غير الناطقين بالعربية، وسيزيد الأمر تعقيداً لو طلبت المتهمة إحضار الجني الذي يُعد -جنائياً– شريكها في الجريمة؛ إلى مجلس القضاء وأن تسمع شهادته، وهل بالفعل طلبت منه من خلال القرابين المقدمة إيذاء العائلة أم لا؟
إذاً القصة ليست بهذه البساطة إذا ما أردنا معالجتها من الناحية القانونية، لذا لابد من التعاطي مع تلك الأحداث من خلال توعية اجتماعية دون إقحام القانون فيها، لأن القانون من طبيعته أنه يتعامل مع عالم الشهادة لا عالم الغيب.