قد تكون أسهل معاملة يمكن أن تجريها اليوم؛ هي استخراج وكالة شرعية، وذلك بعد التحديث الإلكتروني والهيكلي الذي نفذته وزارة العدل في كتابات العدل في المملكة، ولم يصبح استخراج وكالة هماً وحملا ثقيلا يمنعك من النوم، و تضطر معه أن تستعين بكل معارفك في الدوائر الحكومية للتوسل من أجل تسهيل مرور الوكالة بيسر وسهولة؛ إلا أنه ومع تلك التحديثات الإجرائية فإن كتابات العدل مازالت حبيسة الإجراءات السابقة من حيث النظرة الضيقة لمفهوم (الوكالة) ووظيفتها الحقوقية، حيث مازالت بعض كتابات العدل تمتنع عن إصدار وكالة لشخص ما لأسباب غير شرعية ولا نظامية ولا تمت للمنطق بأي صلة، ولعل أبرز مثال هو عدم السماح للمقيم بعمل وكالة شرعية لمحام إذا كانت إقامة العامل منتهية، وبالتالي حرمانه من حق أساسي من حقوقه كـ (إنسان) وهو حقه في الاستعانة بمحام وأخذ المعونة القانونية، والكارثة إذا كان ذلك المقيم يريد إقامة دعوى قضائية ضد كفيله، وهي الصورة الشائعة في مثل هذه الحالات، وبالتالي يستطيع الكفيل أن يمنع العامل من الاستعانة بمحامٍ من خلال الامتناع عن تجديد إقامته، ومن ثم يتركه يدور في دائرة مفرغة من الإجراءات القانونية التي لا يستطيع أن يتعامل معها، خصوصا إذا كان لا يتحدث اللغة العربية، أما كاتب العدل فما زال يناقش؛ هل الإقامة قبل الوكالة أم العكس، في إعادة لجدلية؛ البيضة والدجاجة.
حق الإنسان في الاستعانة بمحام هو مبدأ يتعالى على كل نص قانوني أو قرار أو تعميم أو أية تعليمات، وهذا ما يجب أن تدركه كتابات العدل، بحيث لا تحول بين الإنسان والتمتع بهذا الحق، ولا تساهم في ضياع حقوق العمالة بسبب نظرة ضيقة لا تستحضر روح النظام ومقاصد أحكامه، فمهمة كاتب العدل إنما هي تنحصر في التأكد من هوية الموكل بأي وسيلة شرعية ونظامية، ومن ثم تقوم بضبط وكالته، دون الالتفات إلى أية اعتبارات أخرى خارج اختصاصها.
وهذا المثال البسيط يؤكد أهمية أن يواكب تطويرَ الإجراءات الحكومية من حيث الشكل تطويرٌ موازٍ في ذهنية الموظف، وذلك في الاهتمام بتدريبه على التخلص من قيود البيروقراطية كما يتدرب على استخدام الحاسب، لأن هذا التوازن هو ما سيقضي على كل ترسبات (الزمن الذي مضى).