يستيقظ في الصباح وقبل أن يغسل وجهه؛ يلتقط جواله ويفتح موقع (تويتر) ويدخل على القائمة التي وضعها لمجموعة من المغردين من طلبة العلم والمشائخ والمحتسبين (القطاع الخاص) ويدخل في نقاشاتهم مع خصومهم السياسيين، ويقوم بتكرار الجملة (المنجنيقية) ذاتها في كل منشن؛ (في وسط الجبهة) أو (طيرت الجبهة يا شيخ) ولا يهم إن كان قد قرأ التعليق أو التغريدة، وإنما المهم هو (التعزيز) للشيخ وتكثير سواد المحتسبين، وبث الرعب في قلوب خصومهم.
وفي فترة احتساء القهوة الصباحية، يدير صاحبنا أصابعه على جهازه الكفي ليشغّل أنشودته المفضلة (سنخوض معاركنا معهم) ويرتشف على أنغامها قهوته وهو يتصفح القائمة التي أنشأها لمجموعة من الليبراليين والليبراليات، والكتَّاب والمثقفين، الذين يعتقد أنهم خطر على الكرة الأرضية، وأنهم يمارسون العمل الجماعي المنظم من أجل تغريب بلاد التوحيد، فيكتب لهم في حسابهم ما يسوؤهم.
قبل أن يصل إلى مقر عمله يتوقف عادة عند محل فوَال ملاصق لعمله ليتناول الإفطار في ذات المكان وعلى ذات الطاولة في كل صباح، ولا ينسى أن يرسل رسالة نصية لزميله يذكّره أن يوقّع عنه على دفتر الحضور والانصراف، لأنه سيتأخر بسبب زحمة طريق الملك فهد، ثم يبدأ في عملية الإفطار العميقة جداً وهو يتصفح الجرائد وتحديداً في مقالات الكتَّاب الذين قال له مشائخه إنهم ليبراليون؛ فيدخل في خانة التعليقات ويكتب ما يفتح الله عليه من الجهاد اللفظي.
غالباً يقضي الساعتين اللتين يمضيهما في دوامة مناقشات ممتدة مع زملائه عن الأحداث الساخنة، خصوصاً المتعلقة بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتكالب التغريبيين عليها، وتحليل البرامج الحوارية ليلة البارحة إن كان أحد أطرافها من أهله وعشيرته الفكرية، ثم يخرج قبيل صلاة الظهر لإحضار (أهله) من عملهم، وفي الغالب أنه لا يعود خصوصاً بعد وجبة الغداء الدسمة.
في المساء وبعد يوم احتسابي طويل، يتمدد صاحبنا في الاستراحة التي يشترك فيها مع أصدقائه، ويقوم بالاتصال على برامج الإفتاء في التليفزيون ليستفسر عن جواز قتل الذباب أو البعوض بالآلات الكهربائية، ثم يخلد صاحبنا إلى النوم (قرير) العين دون أن يشعر بشيء من تأنيب الضمير، ليبدأ يوماً احتسابياً جديداً.