عندما يأتي شخص ما و يصف لصاً أو تاجر مخدرات بأنه (جبلٌ أشم) فإنه سيواجه ردة فعل عنيفة من المجتمع ومن المؤسسات المعنية بتطبيق القانون لأنه يشيد بمجرم خارج عن القانون، لكن عندما يقوم ذات الشخص بإطلاق نفس الوصف على (إرهابي) يمارس شرعنة القتل وسفك الدماء؛ فإننا غالباً لا نعتبر ذلك خروجاً على القانون لأننا في الحقيقة لم نحسم (تجريم) الإرهاب والتكفير ومازلنا ننظر لمن يمتهنونها على أنهم أناس اجتهدوا وأخطأوا ويجب أن نزيل شبههم أولاً ونناصحهم لعل الله يفتح على قلوبهم، بل إن بعضهم ينكر عليك إذا ما انتقدتهم أوحذّرت من أطروحاتهم وينصحك بأن تمسك عليك لسانك لأنهم طلبة علم وعلماء، ثم يردف نصيحته بـ «الكليشة» المعهودة (مع اختلافنا معهم) طبعاً من أجل أن ينأى بنفسه عن المساءلة القانونية.
تلك هي حالتنا مع الإرهاب؛ فقد عجزنا طوال السنوات الماضية أن نجرّمه اجتماعياً ونعتبره سلوكاً مشيناً مثله مثل تجارة المخدرات وغيرها من الجرائم، لذا تجرّأ أحدهم وأطلق وصف (الجبل الأشم) على تكفيري يشرعن الإرهاب ويمجد القاعدة؛ لأنه يعتقد أن ذلك التكفيري صرّح بما جبن هو عن قوله وأنه صدح بالحق ولم يخش في الله لومة لائم، لذا لا يمكن أن تسمع من التيار الديني المتطرف إنكاراً على التكفيريين بذات الحدة واللياقة التي يتمتعون بها عندما يجوبون الأرض احتساباً على عمل المرأة أو نشاطات الناس الطبيعية، ولا يمكن أن تسمع لهم تهديداً لقاعديّ أو تكفيريّ بأنه إذا لم يتب خلال شهر فإنهم سيجتمعون و يدعون عليه بالحرم، لم يفعلوا ذلك لأنهم ببساطة لا يعدون التكفير منكراً يستحق الإنكار وبالتالي يمجدون رموزه ويدافعون عنهم لأنهم يستقون من ذات المعين وخرجوا من نفس العباءة وأدق وصف للمطبلين للتكفير هو ما قاله الموقوف العبسي في مقابلته مع الأستاذ داوود الشريان عندما قال عنهم (إنهم يبطنون مالا يظهرون ويظهرون مالا يبطنون).
وسيستمر حالنا مع التكفير متخشباً في منطقة (اللاموقف) إلى أن يمنَّ الله علينا بقانون يجرّمه، عندها لن يتجرّأ أحد على تكفير الخلق ولا تمجيد المكفرين في الأرض.