يبدو أننا على مشارف ولادة تحالف إستراتيجي ما بين المحتسبين (القطاع الأهلي) وما يسمون بالدرباوية؛ ويكون دور الدرباوي المحتسب في هذا التحالف القيام بمهام فرقة التدخل السريع أو (الصاعقة) لتيار الحسبة الأهلي فيما يتعلق بالمنكرات النسائية، وذلك لردع أي فتاة تخرج عن تعليمات وفتاوى تيار الحسبة (القطاع الأهلي).
لقد جرب المحتسبون كثيراً من الوسائل، ابتداء بالمفاكسة وانتهاء بالتجمهر أمام المصالح الحكومية، مروراً بإصدار البيانات والفتاوى والخطب المصحوبة بالنحيب، والدعاء على المسؤولين بالسرطان، إلا أن تلك الوسائل لم تعُد تُجدي لدى طائفة عريضة من النساء اللاتي أصبحن يعرفن حقوقهن بشكل جيد، وبدأن يدركن أن الصراع مع هؤلاء لم يعُد صراعاً دينياً، وإنما هو صراع سلطة وفرض نفوذ تيار معين على المجتمع، وكانت وسيلته المرأة، التي من خلالها يستطيع ذلك التيار أن يعطل أي مشروع تنموي لم يخرج من عباءته وجماجم رموزه الحركيين.
والحل مع تلك التغيرات الاجتماعية أنه تم استدعاء (الدرباوي) إلى المشهد الحسبوي ليمثل فزَّاعة لكل سيدة تفكر في أن تخرج عن (التون) الصحوي بأنها ستقع في براثن أولئك البشر، ويمكن أن يتحرش بها، أو حتى يتم اغتصابها، وكله بتحريض من بعض الحركيين لترسيخ قاعدة (إذا جلستِ في بيتك ما رايح أحد يتحرش بك)، فالهدف هو إبقاء المرأة في البيت بأي وسيلة كانت حتى ولو وصل الأمر إلى شرعنة التحرش وتبريره.
الدرباوي في التحالف الحسبوي الجديد يمارس الاحتساب بالتحرش وإيذاء النساء، وهو يعتقد أنه في الوقت ذاته يمارس عبادة يؤجر عليها، لأنه ينهى عن منكر بالوسيلة التي يحسنها وهي التحرش الجنسي اللفظي أو البدني، لذا نجد أن التيار الديني الحركي يقف بقوة ضد إصدار قانون يجرم التحرش، لأن ذلك القانون سيهدد شركاءهم في هذا التحالف، وسيحد من ظاهرة الاحتساب بالتحرش، وقد قالتها إحدى المحتسبات عندما وصفت فكرة إصدار قانون من هذا النوع بـ(المنكر) لأنه على حد زعمها يشرع الاختلاط، لذا فالبديل هو إصدار قانون (من حقي أن أتحرش) لمواجهة الاختلاط وحماية المحتسب الدرباوي.