تلك الجملة من العبارات الصادمة للمحامي، الذي جمع أوراقه ومستنداته وجدول مواعيده من أجل هذه الجلسة، التي ينتظر نتائجها «عميل غاضب» أوكل أمر قضيته إلى محامٍ، يعتقد أن أي خلل أو تأخر في مواعيد الجلسات أو ترامي تواريخها أو تعطل إجراءاتها من مسؤولية المحامي، من دون أن يدرك ذلك العميل الغاضب أن المحامي لا يملك من الأمر شيئاً في مثل هذه الحالات، وأنه لا يبلغ في حال انتداب أو إجازة القاضي الذي يتولى قضيته، وأنه لا يحق له الاعتراض أو حتى الحق في أن يتمعر وجهه غضباً أو اعتراضاً على مثل تلك الممارسات، التي تعوق سير العدالة وتعطل تحصيل الحقوق.
في غالب دول العالم هناك ما يسمى بالإجازة القضائية، التي غالباً ما تكون في أشهر الصيف متزامنة مع عطلة المدارس، يمكن للقضاة التمتع بإجازاتهم السنوية فيها بترتيب مسبق من المؤسسة القضائية، بحيث تكون المحاكم شبه متوقفة إلا في الحالات المستعجلة، خصوصاً الجنائية منها، ويكون هناك قضاة يديرونها، وغالباً ما يكون دورهم فقط التأجيل والنظر في طلب الإفراج وفق الإجراءات الجنائية السارية في الدولة، وبناء على ذلك يأخذ المحامون إجازاتهم في تلك الفترة وكذلك موظفو مكاتبهم ويشرحون لعملائهم ذلك، بحيث تكون الصورة واضحة للجميع، ولا تصبح إجازة القاضي غير متنبأ بها، والأدهى منها أنها تأتي وسط مواعيد مجدولة، وإلغاء تلك المواعيد يربك أطراف الدعوى، ويضغط على المحامين، ويجعلهم في حرج مع عملائهم، فالقاضي يختلف عن موظفي الدولة، لأنه يمارس أعمالاً قضائية لها ضوابطها الخاصة التي تختلف عن المعاملات الإدارية العادية التي يمكن لأي موظف أن ينوب عن زميله في أدائها، لذا لا بد أن تحدد إجازة القاضي قبل فترة معينة، بحيث لا تتخللها مواعيد قضائية لخصوم ينتظرون الفصل في قضاياهم، ويتفاجأون عند حضورهم للموعد بأن القاضي مجاز، وقد يكون بعضهم قد تكبد وعثاء السفر من أجل حضور الجلسة.
وفي الحالات الطارئة التي تستوجب غياب القاضي عن الجلسة القضائية لأي سبب، بما فيها الإجازة العارضة، فلا بد أن تكون هناك معايير وتعليمات توجب على من يخلفه في عمله مواصلة نظر الدعوى وفق ما هو مبين في ضبط القضية الذي لم يوجد إلا ليجعل الدعوى متصلة بوقائعها وأحداثها، يستطيع أي قاض أن يتولاها ويستوعب موضوعها، بمجرد قراءة سريعة لضبطها الإلكتروني أو أن يلزم ناظر القضية قبل تمتعه بالإجازة أو تنفيذه لقرار الانتداب بتدوين ملاحظات على القضية ينفذها القاضي الخلف، لاسيما أن أغلب القضايا مجرد تبادل لمذكرات الخصوم التي لا تستدعي تأجيل القضية لجلسة جديدة قد تستغرق أشهراً بسبب غياب القاضي الأساسي، فتلك الإجراءات كفيلة بتسريع سير العدالة وإنجاز الفصل في القضايا من دون تأخير غير مبرر، وكل ذلك يصب في تحقيق مبدأ العدالة الناجزة التي هي الأساس في عملية تطوير أداء المؤسسات العدلية.
الجمعة، ١٧ يوليو/ تموز ٢٠١٥