لفتة رائعة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما منح الشهداء الأبطال الأربعة نوط الشجاعة، ليؤكد أن الدولة لا تنسى شهداءها ولا أبطالها، وأن الأعمال الوطنية البطولية مُقدَّرة من الدولة، والرسالة هذه المرة جاءت من أعلى سلطة في البلد والممثلة في الملك لتؤكد وتعزز ذلك المبدأ وترسيخه.
وعلى أهمية تلك اللفتة الملكية الكريمة، إلا أنها لا بد أن تكون أرضية تنطلق منها بقية الجهات الحكومية لتعزيز تلك المبادرة، وذلك لتقدير أولئك الأبطال الأربعة وتخليد قصتهم الأسطورية لتبقى ملحمة وطنية لا تقل أهمية عن بقية الملاحم الوطنية الخالدة في تاريخنا الوطني، لأن ما حدث يتجاوز الشهداء الأربعة ليصل إلى حكايتهم وتفاصيل قصة الصراع بين دعاة الموت وحماة الحياة، وبين التطرف الأعمى والإيمان الحقيقي الذي لا غبش فيه، لا بد أن تخلد حكايتهم مع سماسرة الموت ومرسول الإرهاب الذي جاء يجر أذيال عباءته مخفياً وجهه من سوء ما أرسل به ليواجهه الشهداء الأربعة بأيديهم العارية من كل شيء إلا من إيمانهم الحقيقي بالله وفدائيتهم في حماية أجساد المصلين، الذين نجحوا في منعه ودفعوا لذلك أرواحهم التي بذلوها رخيصة في سبيل الله، في مواجهة مع الإرهابي المقنع بوشاح امرأة، استمرت لحظات بسيطة لكنها ستبقى لحظات خالدة ما بقيت المساجد ومآذنها وروادها من الركّع السجود.
تخليد تلك الحكاية لن يكون إلا بتخليد أبطالها، وذلك لن يحدث إلا إذا بادرت وزارة التعليم بإطلاق أسماء الشهداء على إحدى المدارس التي درسوا وتخرجوا منها، لتكون قصتهم حية وتظل الأجيال تسأل عنهم وعن تلك التفاصيل المثيرة حول مسجد الإمام الحسين رضي الله عنه، ويظل المعلمون يحكون تلك الملحمة لطلابهم، ويبقى الشهداء أحياء في ذاكرتنا الاجتماعية كلما رأينا لافتة المدرسة تتزين بأسمائهم، لنعزز قيم الانتماء الوطني والتضحية في سبيله التي لا تقتصر على الشيلات ولا الأهازيج ولا القصائد.
وتلك المبادرة يفترض أن تكون عامة من وزارة التعليم، تشمل أيضاً الجنود البواسل الذين استشهدوا في ميادين الدفاع عن الوطن أو في مواجهة الإرهاب الأسود، إذ إن وراء كل شهيد حكاية يجب أن تقرأها الأجيال ويفتخروا بها وبأصحابها، فكما سيذهب الإرهابيون إلى القاع الأدنى من زبالة التاريخ، يجب أن يكون لشهدائنا وأبطالنا المرتبة العليا من المجد والتكريم، فالشهيد الذي بذل روحه دفاعاً عن هذا الوطن وأهله أولى باسم مدرسته أو شارع منزله من «أرطأة بن خلكان السنوسي».
الجمعة، ٥ يونيو/ حزيران ٢٠١٥