حركة الاحتساب الغوغائي لم تحظ بدراسة نفسية واجتماعية للوصول إلى (الشفرة السرية) التي تجعل المحتسب يعتقد انه قادر على الوصاية على خلق الله ، و مصادرة حقهم في الاختيار، إلا أنني وبعد التأمل في مجمل الطلعات الاحتسابية في السنوات الاخيرة ابتداء من طلعة اليمامة الشهيرة عام ٢٠٠٦ و انتهاء بطلعة (التعايش) المنفذة بالامس (٩/٣/٢٠١٥) في ندوة التعايش في معرض الكتاب ، مرورا بطلعات احتسابية مشابهة في الجنادرية و دورات معرض الكتاب في السنوات الماضية ، و بعد استقراء تلك الطلعات ؛ يبدو بأنني توصلت لمعرفة تلك الشفرة السرية التي هي : ( البشت ) ، فهو الذي يبدو بأنه يمنح من يرتديه من المحتسبين الشعور بقدرات غير اعتيادية تقترب في بعض الاحيان لقدرات (باتمان) أو (سوبرمان) ، فالبشت باعتقادي هو السر وراء اعتقاد المحتسب عند ارتداه انه قادر على إصدار الأوامر للناس بالفعل أو الامتناع عن فعل ، وهو ايضا الذي يوحي للناس من مرتادي مواطن الاحتساب بأن من يرتديه شخص مهم يججب الانصياع لأوامره و نواهيه لأنه يمثل الشريعة ، دون أن يعرف كُنه الكائن الحي الذي أمامه و يمارس الاحتساب عليه ، لذا نجد ان المحتسب يصر على ارتداءه في المواسم الاحتسابية ، سواء في معرض الكتاب او في غيره ، لأنه يعتقد انه مصدرا اساسيا لسلطته على المجتمع .
لذا اعتقد انه من المهم لإيقاف هذه الفوضى الاحتسابية ؛ أن يتم إصدار رخصة لارتداء البشت ، و يمنع أي شخص من توشح البشت دون ترخيص مسبق من وزارة الشؤون الاسلامية و الاوقاف التي ينشأ فيها إدارة خاصة بإصدار رخص ارتداء البشوت ، و تحدد الرخصة النطاق الزماني و المكاني لسريان الأحكام القانونية لـ ( رخصة البشت ) فلا يمكن لي على -ـ سبيل المثال ـ استغلال رخصتي في ارتداء البشت داخل المحاكم بأن استغل الترخيص لارتداءه خارجها ، ويتبع ذلك تشريع نصوص جنائية رادعة لمن يرتدي البشت دون ترخيص صادر من الجهات المعنية وفق القانون ، حتى تنظم هذه العملية بشكل مؤسساتي .
وفي حال تطبيق الأحكام القانونية لـ ( رخصة البشت ) بصرامة فإن تلك الطلعات الاحتسابية ستتلاشى، لأن أولئك المحتسبين بدون البشت سيجدون انفسهم في ثيابهم البيضاء المشابهة تماما لثوب من يُحتسب عليه ، عندها سيفقد السلطة المعنوية للتأثير عليه ، و سيكتشف انهم في درجة واحدة من الحقوق ، و سيكون المحتسب عندها عاريا من تلك السلطة الزائفة