في الحقيقة لا أعلم سبب اندهاش بعضهم من حادثة مستشفى العرضي في اليمن، وتفاجُئهم بخبر أن من قام بذلك العمل الوحشي الدنيء هم جماعة القاعدة التي تُنسب إلى الإسلام، ويزعم قادتها وكوادرها أنهم يجاهدون في سبيل الله، حتى وصل الأمر ببعضنا إلى أن يشكك في (الصورة) وينسج الأساطير والأكاذيب، تماماً كما فعل بعضنا أيام الحادي عشر من سبتمبر، ويبدو أن سبب تلك المفاجأة أننا مازلنا غير مدركين حجم توحش تلك الجماعات الإسلامية المتطرفة، وأنها قد وصلت إلى مرحلة من الإجرام فقدت فيها كل المعايير الدينية والأخلاقية، لذا فنحن مازلنا (نطبطب) على أكتافهم، ونجتهد في تعيين مناصحين لهم، يتوسلون إليهم أن يتوقفوا عن قتل الناس وإرهابهم.
المتفاجئون من جريمة القاعدة الجديدة في اليمن؛ تناسوا أن ذات الجماعة استهدفت مدنيين في المحيا وغرناطة والخبر وغيرها، وهي جرائم لا تقل بشاعة عن جريمة مستشفى العرضي، إلا أن موقعة المستشفى كانت أحداثها حيّة على الهواء، وشاهد تفاصيلها المروعة الملايين من البشر، بينما كانت جرائمهم السابقة مجرد عناوين صحفية عابرة لم تُنشر تفاصيلها وشخوصها من رموز تلك الجماعة الإرهابية، سوى إشارات صحفية عن (المتهم الأول) و(المتهم السابع عشر).
والسؤال الذي يطل برأسه مع كل حادثة إرهابية من هذا النوع؛ هل نحن بالفعل نجحنا في محاصرة الإرهاب وتقدمنا في استئصال شأفته؟ وإذا كنا نزعم أننا فعلنا هذا؛ فكيف يفسر تناسل أجيال جديدة من تلك الجماعات كانوا أجنّة في أرحام أمهاتهم عند نشأة التنظيم، ونراهم اليوم يجوبون العالم مبشرين بالقتل والإرهاب على نهج أسلافهم، ويكتبون وصاياهم وتقام لهم الأفراح بهلاكهم، ويبرر لهم (القَعَدة) من الطابور الخامس للقاعدة، ونحن نشاهد على هذا المشهد السريالي الذي لا يريد أن ينتهي؟
ومنذ فترة طويلة وأنا أتساءل عن بطء قيام الأجهزة التشريعية في الدولة بسن قانون لـ(مكافحة الإرهاب) كما فعلت في جرائم أقل خطورة منه، إلا أنني عجزت عن إيجاد مبرر منطقي لهذا البطء، اللهم إلا إن كان القانون سيتعارض مع القاعدة التي ندير بها معركتنا مع أولئك البشر، وهي أنهم (إخواننا بغوا علينا).