شهد الأسبوع الماضي وفاة أحد أشهر المفحطين والمعروف بـ«كينق النظيم» رحمه الله، وجاءت الحادثة أثناء قيامه بممارسة التفحيط وقد أصيب في الحادثة مجموعة من الأشخاص لازال بعضهم يتلقى العناية الصحية، وجاءت هذه الحادثة لتفتح تساؤلات قديمة حديثة حول طريقة التعاطي مع مثل هذه الجرائم التي تهدد شبابنا، وقد ذهب جراءها العشرات من الأنفس البريئة بسبب ذلك الطيش المتفلت.
«كينق النظيم» صدر بحقه حكم قضائي في قضية سابقة العام الماضي يقضي بسجنه لمدة 6 سنوات، إلا أن الناس تفاجأوا بخروجه من السجن قبل إتمام المدة، وكان جواب الإدارة العامة للسجون حول هذه التساؤلات بأن السجين قد أكمل حفظ بعض الأجزاء من القرآن وبناء عليه تم الإفراج المبكر عنه، وهذا يقودنا مباشرة إلى الحديث عن آلية الإفراج المبكر ومعايير تقييمه لينال فرصة اختصار مدة محكوميته، إذ إن حفظ القرآن كله أو أجزاء منه هي أحد المعايير المعمول بها في السجون لتقليل مدة المحكومية إلا أننا لم نر أن حفظ القرآن قد غير سلوك الكثير من المجرمين الذين قد تشربوا الإجرام وأصبح جزءا من شخصيتهم، فالقرآن لم يغير سلوكهم ولم يهذب أخلاقهم وإنما اتخذوا حفظه قنطرة للخروج من السجن دون أن يعطوا اهتماما لتطبيق ما حفظوه والعمل بروح القرآن وقيمه والتي تأتي قبل حفظ حروفه، كما أن حفظ القرآن هو عبادة ولا يمكن تصور أن يأخذ المرء مكافأة على عبادته، مثل أن نقوم بتقليص مدة محكومية السجين بسبب أنه قام الليل أو صام النهار، فهذه أمور بين العبد وربه ولا يمكن أن نجعلها مقياسا لاستقامة السجين من عدمه لأنه إن أحسن فإنما يحسن لنفسه وإن أساء فعليها، لذا أعتقد أنه من المهم أن يعاد النظر في تلك المعايير الدينية التي من خلالها يقوّم السجين وتستبدل بأدوات مدنية تكون صادرة على إعفاء الإدارات المختصة بالسجون، ورؤية واضحة حول السجين وسلوكه، كأن يلزم بزيارات دورية للمستشفيات لرؤية ضحايا جرائم التفحيط مثلا أو يوضع له مجموعة من الكتب يلزم بقراءتها والاختبار فيها أو الانخراط في دورات تدريبية أو تعليمية وغيرها من الأفكار القادرة على وضع معايير صارمة يقيّم السجين من خلالها دون أن نلجأ إلى أن نجعل القرآن للمتعبدين بتلاوته وحفظه معيارا وحيدا يمتهن قداسته مجرمون جعلوا منه جسرا يخرجهم من أسوار السجون.
الاحد 25 سبتمبر 2016