حظيت فقرة (مسابقة الرضاعة) المقدمة ضمن المهرجان الترفيهي الصيفي في عرعر بجدل كبير وأصبحت الفقرة نفسها مثار ضحك وسخرية على حال الترفيه في المملكة الذي انحدر إلى هذا الدرك السحيق من السخف والسطحية، حتى افتقدنا معنى الترفية والسعادة وأصبحنا بحاجة إلى إعادة تعريفها من جديد، وكل ما حدث ويحدث كان بسبب هوس (الحرام) ومحاولة البحث عن حلول شرعية على حد زعم منظري دعاة البؤس والكآبة الذين حاربوا أنشطة الترفيه المعروفة التي ترتقي بالذائقة الإنسانية مثل الحفلات الموسيقية والفنية والسينمائية، وكانت البدائل مجموعة من الأنشطة السطحية والتي جعلتنا محل تندر، وكأننا عاجزون عن تقديم مجالات الفنون الراقية أو أن المجتمع أصبح عقيما لا يلد مبدعين قادرين على خلق مناشط تليق بنا وتنتمي إلى هذا العصر.
كل ذلك الفشل الذريع كان بسبب أن صناعة الترفيه والمشرفين على المهرجانات الترفيهية الصيفية قد أمسك بتلابيبها بعض المحافظين الذين يحشرون رؤيتهم الشخصية ويعجنونها في المنتجات الترفيهية، فهو لديه مشكلة دينية مع الموسيقى والغناء، وبالتالي فإنه يجب أن تستبعد من أي فقرة من فقرات مهرجاناتهم ويستبدلها بشيلات منزوعة الموسيقى مليئة بالآهات التي تشوّه الحس الإنساني وتؤذي الأذن وتنكس الفطرة البشرية السليمة ومع ذلك يصر ذلك المحافظ على فرض رأيه وإرغام خلق الله بسماع تلك الأشياء لأنه منح شيئا من السلطة فيريد أن يفرض ذائقته الفنية على الجميع بسلطته.
أنا أتفهم أن توجد أنشطة موجهة للمحافظين خاصة بهم أو لمن أراد أن يلتحق بهم، لكن هذا لا يعني قصر منافذ الترفيه في المملكة على رؤية معينة، فإذا كان من حق المحافظ ألا يلزم أن يستمع لما يراه محرما؛ فمن حق الآخرين أن يتمتعوا بسماع الموسيقى ويحضروا الحفلات الغنائية لفناني البلد الذين أصبحوا لا يرونهم إلا في حفلات فنية خارج أوطانهم، ولابد أن ندرك أن هذا الوطن للجميع ولا يمكن حصره في فكر أو توجه معين هو الذي يتحكم بمقاليده في كل مناحي الحياة، فكل من يحمل جنسية هذا البلد له الحق الكامل في التمتع على أرضه بما يراه مباحا ما دامت القوانين الصادرة من الدولة لا تمنعه، وليس لأي أحد السلطة بأن يقيد أو يمنع ذلك الحق حتى ولو كان يتحصن أو يتترس بحجج دينية، لأن هذا المعنى الحقيقي للمواطنة كما تعرفها شعوب الأرض.
29/08/2016