لعل الكثير اطلع على صورة وثيقة مسربة لأمر منح لمجموعة من المواطنين وهو أمر معتاد ولا يثير أي غرابة، إنما الغرابة أن هناك ما يقارب لثلاثة عشر اسما من عائلة واحدة، والأشد غرابة أنها تحمل نفس القبيلة والفخذ الذي ينتمي إليها مسؤول كبير في جهة ما، ولا أعتقد أن حشد تلك الأسماء جاء على سبيل الصدفة، خصوصا أن ذلك المسؤول يملك حلا وربطا في مسألة المنح، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول تلك الوثيقة ومدى صحتها أو تزويرها، لأنه في حالة إن كانت صحيحة فإنه لابد أن تتدخل هيئة مكافحة الفساد للتحقيق في هذه الوثيقة وهل جاءت الأسماء بشكل طبيعي أم كانت هناك محاباة للأهل والعشيرة ؟ هذا طبعا إذا كان المسؤولون في هيئة مكافحة الفساد ما زالوا يحتفظون بحماسهم في مكافحة الفساد، وألا يكون نشاطهم مقتصرا فقط على مجرد الوعظ المباشر وغير المباشر من خلال اللافتات المعلقة بالشوارع أو من خلال الرسائل النصية التي يمطرون بها عباد الله آناء الليل وأطراف النهار، وما زال قيادات الهيئة غير مدركين أن تلك الرسائل ترسل للعنوان الخطأ.
عشيرة المسؤول
بقاء التساؤلات بشأن الفساد قائمة دون إجابات واضحة من الجهة التي وضعتها الدولة لمكافحة الفساد؛ يؤدي إلى تزايد الإحباط والتشاؤم وتهيئة البيئة المناسبة للـ(متحلطمين) الذين ينشطون في نشر حالة التشاؤم وعدم الثقة والتفاؤل بقرارات الإصلاح وحزمها فكيف ستكون ردة فعل الشاب الحالم بأرض يقيم عليها منزل العمر له ولعائلته؛ وهو يشاهد الأسماء المصطفة المسلسلة التي منحت أرضا لمجرد أن آخر اسمها في بطاقة الهوية الوطنية يتطابق مع مسؤول يمتلك السلطة فحصلوا على منحة بجرة قلم ودون عناء أو الاضطرار للوقوف في الصف وانتظار دورهم الذي قد يأتي وقد لا يأتي.
كلي أمل أن تكون تلك الورقة المنتشرة غير صحيحة ومزورة؛ لأني لا أريد أن يفقد الناس الثقة في هيئة مكافحة الفساد، لأن من مصلحة الوطن والمجتمع أن نثق بمؤسساتنا الرقابية لكن في المقابل لابد أن تعيننا تلك المؤسسات على بناء الثقة بها وتعزيزها لأنها متى ما فقدت تعاطف الناس معها فإنه من الصعب أن تعيد ذلك الشعور من جديد وهذه هي الكارثة بعينها لو حصلت – لا قدر الله – لأن آثارها ستكون كبيرة وتتجاوز هيئة مكافحة الفساد إلى غيرها من المؤسسات.
22/08/2016