عندما (يلتزم) شاب يافع على حسب المصطلح الذي نحته قادة جماعات الإسلام السياسي فإن أول الدروس التي يحشى بها رأسه هي المنكرات التي عمت وطمت وكيفية التصدي للعلمانيين والليبراليين الذين وضعوا في قائمة من لدن دعاة التطرف يلقنونها للملتزمين الجدد ويحدثونهم عن التغريب الذي يقود لواءه مجموعة من البشر يجب أن يلعنوا من على المنابر وفي دعاء القنوت فدعاة الموت لا يعنيهم أن يوثقوا رابط المتدين الجديد بالله والتبتل إليه والإكثار من العبادة لأنهم يريدون كادرا حركيا يحقق لهم أجندتهم لا زاهدا في محرابه خاشعا صلواته فهذا لن ينفعهم في شيء فالخطوة الأولى للتجنيد هو خلق مجتمع مسربل بالخطيئة الأمر الذي يدفع الشاب لأن يتقمص دور المؤمنين الأوائل في صدر الإسلام حيث قريش وأصنامها المنصوبة حول الكعبة وغربة المؤمنين الأوائل والتضييق عليهم وتعذيبهم في فيافي مكة لمنعهم من الهجرة إلى دار الخلافة للجهاد تحت رايتها والذي يراه فرض عين لأنه سمع خطيبا ذات ظهيرة يصيح من على منبره بأن العلماء أعلنوا النفير العام حيث لا يسعه عندها أن يتخلف إلا أصبح من المخلفين والمتولين يوم الزحف.
ذلك الشاب وهو في موجة غسيل الدماغ التي يديرها دعاة الغلو والتطرف يستحضر كل شخوص تلك المرحلة المكية؛ فيرى أمية بن خلف وأبا جهل يتقمص دورهما في مخيلته من يراهم زنادقة ومرتدين كما قال له المحرضون من على منابرهم وتتراءى له دار الندوة في المؤسسات الإعلامية التي قال عنها الغلاة بأنها تحارب الله ورسوله ويجتمع فيها التغريبيون للكيد للإسلام وأهله كما كان يفعل صناديد قريش في دار الندوة.