استبشرنا بقرار السماح للنساء بمزاولة مهنة المحاماة بالمملكة ودخولهن المحاكم مترافعات أمام المنصة، وهو ما دفع العديد من الفتيات لدخول كليات الحقوق والتخصص في القانون بغية الانخراط في مهنة المحاماة، إلا أن واقع عمل المرأة كمحامية لا يزال يصطدم بمعوقات إجرائية عديدة، يأتي على رأسها قلة مكاتب المحاماة التي تستقبل الفتيات المتدربات، بينما النظام لا يجيز لها أن تتحصل على رخصة محاماة إلا بعد تدربها ثلاث سنوات لدى أحد المحامين الذين أمضوا خمس سنوات فأكثر ممارسين لمهنة المحاماة، وأغلب المحامين الذين يتحفظون على عمل محاميات متدربات في مكاتبهم كان بسبب أنهم ملزمون من قبل وزارة العدل والعمل بضوابط عمل المرأة بما فيه ما يسمى بالبعد عن الاختلاط في مكان العمل، والشرط الغريب والعجيب وهو وجود بابين منفصلين أحدهما للرجال والآخر للنساء، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في أغلب مكاتب المحاماة، خصوصا المكاتب القديمة التي أنشئت قبل هذا التنظيم ويتعذر التعديل فيها هندسيا، وكل ذلك يمنع المحامي نظاميا من استقبال المرأة كمتدربة أو كمحامية في مكتبه، مما يجعل فرص عمل المرأة في المحاماة محدودة جدا ولا تتساوى بأي شكل من الأشكال بالفرص المتاحة للرجل، وهو يخالف المبدأ القانوني والحقوقي الذي يقضي بـ«المساواة أمام فرص العمل».
المحاميات المتدربات .. وبقرة بني إسرائيل
التشدد بما يسمى بالاختلاط سيحرم المرأة من مجالات عمل كثيرة، ليس في المحاماة فقط وإنما في مجالات متعددة، بسبب لا يعد منطقيا في هذا الوقت، ولا توجد بمفردة الاختلاط أسانيدها الشرعية التي تقضي بجعله ثابتا من الثوابت الإدارية في المملكة، خصوصا ونحن مقبلون على رؤية مستقبلية جريئة كان للمرأة دور في برامجها وأهدافها، فلا بد أن يعاد النظر في مثل هذه الاشتراطات التي أصبحت عائقا تنمويا كبيرا ونتحرر من البيروقراطية وعقلية «بقرة بني إسرائيل»، وذلك لن يتأتى إلا بالتذكير بطريقة غير تقليدية، لأننا نواجه ظروفا غير تقليدية وواقعا غير تقليدي، ولا يمكن معالجة مشكلات اليوم بأدوات الأمس.
وإذا لم تتم المبادرة بالحلول السريعة لمشكلات المحاميات المتدربات فستتضخم شريحة العاطلات عن العمل، وسنتفاجأ يوما بأرقام مهولة بحجم النساء اللاتي وثقن بقرار السماح للمرأة للعمل كمحامية فتركن كل التخصصات واخترن من بينها القانون ليحققن حلما راود الكثيرات منهن وهو الحصول على تصريح لممارسة المهنة من خلال مكاتبهن الخاصة، ومعظم مشكلاتنا المزمنة كانت بدايتها بسيطة حتى أهملناها وبدت ككرة ثلج تتضخم يوما بعد يوم.
02/06/2016